lundi 14 mars 2011

وزير الداخلية التونسي الذي عُيّن قبل 48 ساعة من هروب بن علي, فريعة يكشف لـ"العربية" أسرار وزارة الداخلية في أهم يومين في تاريخ تونس المعاصر

دبي - العربية.نت
أكد وزير الداخلية التونسي السابق أحمد فريعة أن الرئيس المخلوع بن علي كلّفه بوزارة الداخلية هاتفياً قبل تنحيه بـ48 ساعة، وذلك في محاولة منه لإثبات حسن نيته في القيام بإصلاحات عميقة وإجراءات عملية استجابة لمطالب الشباب الثائر في ذلك الوقت.

جاء ذلك في حلقة جديدة من برنامج "مقابلة خاصة" والتي ستعرض اليوم الإثنين 14-3-2011 في تمام الساعة 14:00 بتوقيت غرينيتش .

وأشار فريعة خلال اللقاء إلى مدى اضطراب الرئيس السابق بن علي وقلقه العميق من الوضع الذي كانت تعيشه تونس آنذاك، الأمر الذي دفعه لتعيين وزير للداخلية هاتفياً دون مقابلته، وهو ذات الأمر الذي دفع فريعة للقبول لرغبته بـ"خدمة تونس".
ورغم أن فريعة كان وزيراً للتجهيز والإسكان واستقال كتابيا في 12 شباط/ فبراير عام 1992، إلا أنه كان يجد صعوبة في رفض الوزارة أو الاستقالة في عهد بن علي. ويقول: "لم يكن أمراً سهلاً. ليس ممكناً تقديم الاستقالة في عهد بن علي لأن الضرر لم يكن ليطال الشخص بعينه بل يمتد البطش لينال من كل أفراد أسرته".

ويشير إلى أن أكثر البلاد يومها كانت تواجه الكثير من التوتر، منها حرق مراكز أمنية، والاعتصامات التي غطت مختلفة المناطق. أما المناطق الأكثر خطراً بالنسبة لنا فكانت المناطق الداخلية، منها سيدي بوزيد والقصرين، وغيرها من المناطق التي انطلقت منها الثورة.

ورغم هذه التوترات، إلا أنه لم يتوافر الوقت لوزير الداخلية حينها لمقابلة مسؤولي الوزارة، لوضع أو الاطلاع على أية خطة أمنية، علماً أن التنسيق كان يتم على مستوى الأمن الرئاسي مباشرة.

أما أول قرار اتخذه فور تسلمه الوزارة، فيقول فريعة إنه كان يطلب من كل من يقابله تفادي العنف وعدم إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وأيضاً إعداد مذكرة أو منشور لكافة قوات الأمن لمنع استعمال الذخيرة الحية في وجه المتظاهرين إلا في الحالات القصوى.

تسليم سلاح الشرطة إلى الجيش

وعن ليلة 12 يناير/كانون الثاني، التي طُلب فيها من القوى الأمنية تسليم أسلحتها إلى الجيش، كشف فريعة أنه تلقى اتصالاً في تلك الليلة من وزير الدفاع قائلاً إن بعض المصالح الأمنية سلّمت سلاحها إلى الجيش. لذلك طلبت التحقيق في الموضوع، وقيل لي إن بعض مراكز الأمن تعرضت للهجوم، فضماناً لسلامة السلاح ومنع وصولها للمتظاهرين، جاء الطلب بتسليم السلاح إلى الجيش.

وقال إن أعداد ضحايا الاحتجاجات التي كانت تصله كوزير للداخلية لم تكن دقيقة، خاصة أنه اكتشف لاحقاً أن الأعداد الحقيقية كانت أكبر بكثير.

أما داخل الوزارة نفسها فكانت هناك صراعات بين أجنحة مختلفة، وهو ما كان يمنع من الوصول إلى المعلومات الصحيحة.

وفي 13 يناير طُلب منه الانتقال لمجلس النواب لتقديم مداخلة حول الأوضاع الأمنية بشكل عام، وهو ما كررته في مساء نفس اليوم أمام مجلس المستشارين، وطالبت بمنح الحريات ووقف الرقابة لكونه مساراً لا رجعة فيه.

أما عن التساؤلات التي طرحتها عدم معرفة وزير الداخلية بمغادرة الرئيس المخلوع لمنصبه، فيقول فريعة إن النظام كان فيه أمن رئاسي مستقل بالكامل عن الداخلية. وكنا نحاول إدماج الأمن الرئاسي ضمن الوزارة، كما كان الأمر عليه قبل عام 1987، لكن ذلك كان يصطدم بقانون يفصل بينهما. ويتابع "سمعت بخروج بن علي بعدما أقلعت الطائرة التي أقلّته. وبطبيعة الحال فوجئنا بهذه الخطوة، وكان لديّ تخوف كبير من إدخال البلاد في فوضى وانفلات أمني يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية. وفعلاً لم يعد الأمن إلا في 25 أو 26 من يناير.